Consultez notre communiqué en Français
ثلاث
سنوات انقضت على هبة شعبية لم تفتر إلا بعد أن أجبرت نظام قمعي و متشعب على التنحي.
ثلاث سنوات تداولت خلالها أربع حكومات شؤون البلاد و تلونت أثناءها السياسات بشتى ألوان
الطيف السياسي و شارك فيها حتى النقابيون.
و بعد
كل هذا الحراك السياسي و في ظل حكومة انبثقت من إرادة الشعب كما يقال، لم يعد من الغريب أن يعبر بعض المواطنين
عن خيبتهم بل و حسرتهم على الحقبة السوداء التي سبقت هذا المناخ الديموقراطي الجديد
علينا. و باتت الثورة كالحلم أو السراب الذي لا نكاد بلوغه (بقية النص) .
لا شك
في أن الإعلام بشتى قنواته قد تحرر من كل القيود و كذلك شأن الأحزاب السياسية و مختلف
قوى المجتمع المدني، لكن هذا المكسب كشف واقعا بائسا و حقائق مرة لم تشملها الثورة
بعد : حملات الثلب و التشويه، الرشوة و المحسوبية، تدهور الوضع البيئي، رداءة الخدمات
في بعض الوجهات السياحية التي هي واجهة للبلاد، تراجع المستوى الفني، النزعة الاستهلاكية
المشطة، ...
و بإعادة
النظر في مسلسل الأحداث المتباينة التي شهدتها الديمقراطية الناشئة في تونس، نعتقد
أن هذا المعطى الجديد لا يضمن وحده المحيط الذي نتمناه و الذي طالما اعجبنا به في بلدان
أكثر تقدما.
و على
رأي عايدة عكاري الشريف، ناشطة جمعياتية و سياسية من زمن بن علي : حملات التحسيس - حول النظافة و السلامة المرورية
و الإقتصاد في الطاقة مثلا - على كثرتها لا تكفي لإيقاظ المجتمع بخطورة هذه القضايا
، فلا يمكن الأمل في مستقبل أفضل ما دام المواطن التونسي حريصا على حياته و مصلحته
أكثر من حرصه على مصلحة المجموعة التي يقتسم معها الشارع و المدينة و الوطن.
هذه المقولة هي ثمرة
جملة من الملاحظات المتعلقة بجوانب شتى من حياتنا اليومية و قد تم نشر هذه المقالات
التي تندرج ضمن "مذكرات رحلة" لصاحبته خلال سنة 2010 في موقع "صوت التونسية."
كانت
الصنصرة الهاجس الأكبر لكل صوت حر، و مع ذلك، لم يمس "مقص عمار 404" هذه المقالات
النقدية و لعل ذلك يعود لكونها لم تتوجه للنظام القائم آنذاك.
هاهو
النظام قد إنهار و بعثرت الأوراق من جديد و تغيرت قواعد اللعبة السياسية و إنفتحت الساحة
لمعارضي الأمس و تعاقبت السياسات و المبادرات، و لكن لم تتغير قط السلوكات التي تذمرنا منها لعقود. و
لا نستغرب ذلك حيث أن مجتمعنا بعيوبه و بنقائصه هو من يفرز من ينوبه و من يحكمه. و
عليه، فإن سوء تصرف مسؤولينا، سواء إتسم بالعشوائية أو اللامبالاة أو التعنت أو الفساد،
ليس إلا مرآة لتصرفات مماثلة و يومية نشهدها في جميع المجالات.
من أجل
هذا عزمنا على إعادة نشر مقالات عايدة الشريف أملا في فتح باب النقاش حول البعض من
سلوكنا اليومي و في طريقة تفكيرنا التي قد
تقف عائقا أمام بلوغ الرقي الإجتماعي و تحقيق جودة الحياة التي لا يمكن تلخيصها في
بعض المؤشرات الاقتصادية. و لا يفوتنا أن المجتمع المدني لا يستمد نجاعته من مناخ الحرية
فحسب، بل و أيضا من درجة وعي و مسؤولية كل مواطن.
من جهة
أخرى، لا يزال التونسي باحثا عن مقومات هويته و مرجعيته التي تتنازعها التيارات الفكرية
- و هي ليست جديدة على مجتمعنا - تارة، و النعرات الجهوية تارة أخرى. و لا يمكن تجاهل
عمق الهوة الحاصلة بين التونسيين القاطنين في تونس و بعض الذين نشؤوا في بلدان أخرى.
و قد
تناولت بعض مقالات عايدة الشريف عدة أوجه لهذا التشتت في تعريفنا للهوية التونسية،
و نعتقد صراحة أن هذه النصوص قد كشفت عن موقع الداء قد و اقترحت منهجا فكريا جديدا و إيجابيا لا يمكن للفرقاء إلا أن
يجتمعوا حوله، بعيدا عن الصراعات المذهبية و الإيديولوجية البالية المستوردة من أواسط
القرن الماضي.
نعتقد
في الأخير أن الديموقراطية و الحرية ليست إلا وسائل لابتغاء هدف سامي ألا و هو بلوغ
مستوى التمدن بحق و تشييد الحضارة التونسية المشعة على محيطها عوض تغذية روح الإنهزامية
و التبعية.
0 comments:
Enregistrer un commentaire